أكد الدكتور محمد راشد، عضو غرفة صناعة التطوير العقاري بالاتحاد الأفروآسيوي، أن الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار العقارات داخل السوق المصرية باتت تتطلب أدوات تمويلية أكثر مرونة وقدرة على مواكبة التطورات المتسارعة، مشيراً إلى أن توجه الاتحاد المصري للتمويل العقاري للتقدم بمقترح رسمي للسماح بالقروض المشتركة يُعد خطوة ضرورية في هذا التوقيت الحرج، لما لها من دور محوري في دعم القطاع وتقليل المخاطر التمويلية.
القروض المشتركة… آلية مطلوبة لمواكبة قفزات الأسعار
وأوضح راشد أن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية والتجارية خلق فجوة بين قدرات شركات التمويل العقاري والطلبات الفعلية للعملاء، حيث لا يستطيع معظم مقدمي خدمات التمويل تغطية قيمة وحدات مرتفعة الثمن بمفردهم بسبب القيود القانونية الحالية، التي تُحدد سقف التمويل الممنوح للعميل الواحد بنسبة لا تتجاوز 15% من رأسمال الشركة ، وأضاف راشد أن السماح بالقروض المشتركة يفتح الباب أمام توزيع المخاطر بين أكثر من جهة تمويل، ويضمن تنفيذ الصفقات الكبرى دون تعطّل أو تجاوز للوائح.
تضخم أسعار الوحدات يعيد تشكيل احتياجات السوق
وأشار راشد إلى أن السوق تشهد قفزات سعرية مستمرة، حيث توقع عدد من المطورين ارتفاع أسعار الوحدات بين 10% و12% سنوياً نتيجة زيادة تكاليف الإنشاء. كما بلغ متوسط أسعار المتر السكني في العديد من المشروعات بين 70 و80 ألف جنيه، بينما تبدأ أسعار الشقق من 3.5 مليون جنيه، والفيلات من 20 مليون جنيه، وهو ما يعكس حجم التغيرات السريعة في التكلفة والطلب.
وأكد راشد أن هذه الارتفاعات جعلت خطط السداد طويلة الأجل – التي تصل إلى 14 عاماً – أداة رئيسية لجذب العملاء، في ظل وجود فجوة واضحة بين العرض والطلب تُقدَّر بآلاف الوحدات، الأمر الذي يزيد من حاجة السوق لآليات تمويل قادرة على دعم السيولة وتنشيط حركة الشراء.
أداء القطاع التمويلـي… نمو سنوي قوي يقابله تباطؤ شهري
وبيّن راشد أن بيانات هيئة الرقابة المالية تعكس اتساع حجم الطلب على التمويل العقاري، إذ ارتفعت قيمة التمويلات المقدَّمة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بنسبة 65.6% لتصل إلى 29.4 مليار جنيه. في المقابل، تراجع نشاط إعادة التمويل العقاري على أساس شهري بنسبة 10.8% نهاية سبتمبر إلى 2.933 مليار جنيه، وهو ما يشير – بحسب قوله – إلى ضرورة تحديث أدوات التمويل لضمان استدامة النمو وتخفيف الضغط عن الشركات والمستهلكين.
فوائد اقتصادية مباشرة… وتمكين للمطورين العقاريين
وذكر راشد أن السماح بالقروض المشتركة لن ينعكس فقط على قدرة الشركات على ضخ التمويلات، بل سيحسن هيكل المخاطر داخل القطاع، ويمنح المطورين العقاريين سيولة مباشرة تسرّع وتيرة التنفيذ وتدعم ضخ استثمارات جديدة في السوق. وأضاف أن هذا النوع من التمويل يمثل ضرورة ملحّة خصوصاً في عمليات شراء المقار الإدارية والفنادق والمشروعات التجارية ذات القيم المرتفعة، والتي تتجاوز قدرات أغلب الشركات منفردة.
تشريعات جديدة لمرحلة جديدة
وشدد راشد على أن التطور الكبير في أسعار العقارات وفي حجم الاستثمارات العقارية في مصر يتطلب تحديثاً مستمراً للأطر التنظيمية، وأن إقرار آلية القروض المشتركة سيشكل نقلة نوعية في قطاع التمويل العقاري، وسيمنح السوق قدرة أكبر على النمو المتوازن والوصول إلى جميع شرائح العملاء دون تعقيدات أو فجوات تمويلية.
















